نيلسون مانديلا..الثائر المنتصر

22 نوفمبر، 2021 التعليقات على نيلسون مانديلا..الثائر المنتصر مغلقة شخصيات من الذاكرة

 

من الشخصيات السياسية التي كان لها بصمة مميزة في  حركات التحرر الوطني في العالم ،إنه نيلسون مانديلا أول رئيس أسود في جنوب أفريقيا، وقد تولّى الرئاسة منذ سنة 1994م وحتّى سنة 1999م، حيث تمّ اختياره في الانتخابات التي شملت كافّة الأعراق والأجناس في جنوب أفريقيا، كما أنه رئيس المجلس الإفريقيّ والأمين العام للحركة الخاصّة بعدم الانحياز والتي كان هدفها القضاء على العنصرية العرقية، والفقر، وعدم المساواة في الحقوق والواجبات.

وساهمت مفاوضاته في أوائل التسعينات مع الرئيس الجنوب أفريقي فريدريك ويليام دي كليرك في إنهاء نظام الفصل العنصري في البلاد، وبدء الانتقال السلمي إلى حكم الأغلبية، وقد تشارك كلّ من نيلسون مانديلا ودي كليرك بالحصول جائزة نوبل للسلام سنة 1993م تقديراً لجهودهما.

بداية حياة نيلسون مانديلا :

ولد نيلسون روليهلاهلا مانديلا المعروف باسم ماديبا في الثامن عشر من تموز سنة 1918م، في قرية مفيزو في جنوب أفريقيا، وتوفي والده وهو في التاسعة من عمره نتيجةً لإصابته بمرض رئوي، ممّا أدّى إلى حدوث تغيّر كبير في حياة مانديلا، حيث تمّ تبنيه من قبل الزعيم جونجينتابا داليندييبو حاكم شعب الثامبو، والذي كفله رداً لجميل والده الذي زكّاه رئيساً لقبيلة ثامبو قبل سنوات من ذلك.

وقد كان يقضي  مانديلا يومه في رعاية الأغنام والمواشي في منزل والدته القابع في قرية (كنو) واللعب مع الأطفال الآخرين، ولكن على عمر السابعة أرسلته والدته ليتعلم في المدرسة الميثودية المسيحية، وعن اسم (نيلسون) الإنجليزي يقول مانديلا بأنّ معلمته (إيمدينغاني) أعطته هذا الاسم عندما كان عمره تسع سنوات. ذهب مانديلا ليعيش في قصر مكيكزوبي مع (يونجينتابا دالينديبو)، وهو زعيم عشيرة اللتيمبو، واستكمل مانديلا دراسته في مدرسة البعثة الميثودية، وقد كان شغوفاً لتعلم اللغة الإنجليزية، والتاريخ، والجغرافيا، كما كان يحبّ الاستماع إلى قصص العجائز والمسنين عن الأفارقة حتّى أنّه أصبح يفتخر ويعشق أصوله الإفريقية وتاريخ أجداده.

بعد أن بلغ عمر السادسة عشرة خضع مانديلا وأصدقاؤه من نفس العمر لطقوس الختان، وقد كانت هذه المرحلة التي ينتقل فيها الذكر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة، وبذلك أصبح يطلق عليه اسم (داليبهونغا)، ومن بعدها انتقل ليستكمل دراسته الثانوية وتنمية ثقافته في معهد (كلاركبري) المختلط، وفيه تخلّص نيلسون من شخصيته المنغلقة، وفي السنوات اللاحقة التحق بجامعة فورت هير، ودرس في كلية الفنون والآداب، وأبدى اهتماماً كبيراً في الرقص، والملاكمة، والتمثيل. توجه إلى جوهانسبرج عام 1941م، وبدأ يبحث عن عمل، فعمل في مكتبٍ للمحاماة، وهناك تعرف على (نات بريغمان) و(جور ريديبي) المنتميان إلى المؤتمر الإفريقي الوطنيّ، حيث أصبح يتردّد على اجتماعاتهم وبدأ يعجب بأفكارهم واتجاههم السياسيّ، لذلك استكمل دراسته وحصل على شهادة الدبلوم في المحاماة.

تزوج نيلسون مانديلا ثلاث مراتٍ في حياته، فزوجته الأولى كانت إيفلين نتوكو ماس، واستمر زواجهما ثلاث عشرة سنة، وزوجته الثانية هي ويني ماديكيزيلا، أمّا زوجته الثالثة فهي غراسا ماشيل أرملة رئيس الموزمبيق سامورا ماشيل. ويمتلك مانديلا ستة أبناء، وسبعة عشر حفيداً.

بداية حياة نيلسون مانديلا السياسية :

بدأ رحلته مع السياسة في العشرين من عمره، فانضم سنة 1942 إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المعارض لسياسة التمييز العنصري(ANCYL) ، ونشط فيه، وعمل على تحويله إلى حركة جماهيرية تستقطب مختلف الفئات الأفريقية، وكان أحد مؤسسي “اتحاد الشبيبة” بالحزب.

وحين بدأ الحزب ما عُرِفَ “بحملة التحدي” تنقل مانديلا داخل البلاد محرضا على مقاومة قوانين التمييز العنصري، فصدر حكم بسجنه مع وقف التنفيذ، ومُنِع من مغادرة جوهانسبرغ ستة أشهر، استغلها لإعداد خطة لتحويل فروع الحزب إلى خلايا للمقاومة السرية.

وبعد أحداث مذبحة “شاريفيل” سنة 1960 التي أطلق فيها رجال الشرطة النار على المتظاهرين وسقط المئات من القتلى والجرحى، حظرت السلطات كافة نشاطات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، واعتُقِل مانديلا.

وبعد الإفراج عنه سنة 1961 قاد المقاومة السرية، وسافر إلى الجزائر عام 1962 لترتيب دورات تدريبية لأعضاء الجناح العسكري للحزب، وبعد عودته اعتقل بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية، والتحريض على الإضرابات وأعمال العنف، وحين بدأت محاكمته تولى الدفاع عن نفسه.

وصف حالته في المحاكمة بالقول “أثناء محاكمتي دخلت قاعة المحكمة بملابس الكوسا المصنوعة من جلد النمر، وقد اخترت هذا الزى لأُبْرِزَ المعنى الرمزي لكوني رجلا أفريقيا يحاكم في محكمة للرجل الأبيض، وكنت أحمل على كتفي تاريخ قومي وثقافاتهم، وكنت على يقين أن ظهوري بذلك الزى سيخيف السلطة من ثقافة أفريقيا وحضارتها”.

حكم عليه بالسجن خمس سنوات، وقبل أن ينهيها صدر عليه حكم بالسجن المؤبد سنة 1964، فكانت بداية رحلة نضال وعزيمة وصبر استمرت أكثر من ربع قرن، تحول خلالها مانديلا إلى أيقونة للحرية، ورمز للكفاح والنضال.

أُصيب نيلسون مانديلا خلال فترة سجنه في جزيرة روبن لمدّة ثماني عشرة سنة بالسل، ومع ذلك فقد تمكّن خلال فترة مرضه من الحصول على درجة البكالوريوس في القانون عن طريق برنامج مراسلات جامعة لندن.

و أُعلن عن إطلاق سراح مانديلا في الحادي عشر من شباط سنة 1990م، كما رفع دي كليرك الحظر المفروض على المؤتمر الوطني الأفريقي، وأزال القيود المفروضة على الجماعات السياسية، وعلّق عمليات الإعدام.

وبعد سنوات طويلة قضاها مانديلا مناضلا ضد العنصرية  ومدافعا عن حق شعبه في تقرير مصيره واسترجاع سلطته على ارضه ،توفي نيلسون في الخامس من كانون أول سنة 2013م، عن عمر يُناهز 95 عاماً بعد إصابته بعدوى في الرئة.

 

 

 


الوسوم:, , ,

" حنان ناصر "

عدد المواضيع: 249 , الملف الشخصي:

محرره صحفية في مجلة الرافد الفكري