لماذا ينعـت المثقـف.. بالتعالي والنرجسية؟!
15 أبريل، 2022 التعليقات على لماذا ينعـت المثقـف.. بالتعالي والنرجسية؟! مغلقة حنان ناصر كلمة الرافــدالكاتب: دكتور زاهر ناصر زكار
في الكثير من الأحيان، ما ينعت الشخص المثقف بالتعالي والنرجسية، باعتباره نرجسياً، يبني حاجزاً نفسياً بينه وبين الناس من خلال حصر علاقاته مع أقرانه من المثقفين بالرغم من أن مهامه ونتاجه الثقافي يعكس دفاعه عن قضايا المجتمع لكن ما يفصله عنه يثير العديد من التساؤلات!. .
وعند مناقشة تلك الاتهامات بحق المثقف من وجهة النظر الاجتماعية السائدة نجد أنها تقترب من دائرة الحقيقة، لكن عند مناقشتها من الواجهة العقلانية فإنها تبقى آراء أقل ما يقال عنها مجانبة للحقيقة لماذا؟.. لأنها اتخذت مساراً مزاجياً في إصدار أحكامها. فهي غير مستندة لأسس منطقية، وإنما تنطلق من نظرة سائدة تفترض خطاً بأن من يدافع عن حقوق المجتمع يتوجب عليه أن يبذل وقته بين أوساطه الاجتماعية!..
إن هذا الافتراض يرتكز في طرحه لفهم سائد وخاطئ يكمن بعملية الخلط بين العمل الثقافي والعمل السياسي، فصدق الافتراض صحيح في العمل السياسي وعدم صدقه في العمل الثقافي. فمهمة السياسي ،هي تحقيق مطالب الجمهور والاستماع لآرائهم ومناقشة مطالبهم لأنه يشتغل في شؤون الجمهور باعتباره ممثلاً عنه. فالجمهور هو الذي يصنع السياسي، والسياسي بدون جمهور لا قيمة ولا شأن له في الدولة والمجتمع. فالافتراض يصوغ علاقة مصالح متبادلة بين الجمهور والسياسي، وتحقيق تلك المصالح يتطلب التواصل بينهما.
إما العمل الثقافي الذي يفرض مهامه على المثقف، فانه يحصر مهمة المثقف بطرح الأسئلة على الواقع الاجتماعي السائد، وتعريف الجمهور بواجباته تجاه الدولة وحثه على المطالبة بحقوقه منها. ورفع مستوى وعيه حتى لايستغله السياسي، الساعي أبداً لتحقيق مصالحه على حساب مصالح المجتمع.
ومن هنا، فان مهمة المثقف تعكس علاقة مصلحة جديدة يستفيد منها طرف واحد، هو الجمهور دون المثقف بعكس علاقة السياسي بالجمهور التي هي علاقة مصالح متبادلة.وبالإضافة إلى ذلك، فإن المثقف يبذل جهد فردي للارتقاء بمستوى وعيه وزيادة مكتسباته المعرفية للقيام بمهامه الأساسية تجاه المجتمع وليس للمجتمع أياً دور في صناعة المثقف لكنه يسهم مساهمة كبيرة في صناعة السياسي. والسياسي يستثمر وقته مع الجمهور لتحقيق مصالح متبادلة معه. ولذلك، يمكن فهم علاقة المثقف بالمثقف وعلاقة المثقف بالجمهور، فهي علاقة تتأطر بمنحى عدم هدر الوقت والاستفادة منه في تطوير قدراته الذاتية للقيام بمهامه العاكسة لشكل المصلحة الوحيدة الجانب التي تحكمها قيم ومثل ميتافيزيقية أكثر منها واقعية.
والواقع ان العلاقات الاجتماعية ،هي علاقات مصالح متبادلة، فالصداقة أن كانت تحقق مصلحة لجانب وعلى حساب الجانب الأخر فإنها علاقة استغلال وليست علاقة صداقة وإنما هي علاقة ميتافيزيقية. وهذا الأمر يعكس صوره الواقعية عند أصحاب المهن الحرة في المجتمع، فغالباً ما تجمعهم علاقة لتحقيق المصالح المتبادلة وهي لاتخرج عن سياق علاقة السياسي بالجمهور وعلاقة المثقف بالمثقف وأن كانت العلاقة الأخيرة تؤدي منافع جمة للمجتمع وبدون مقابل!. بهذا الإطار من المصلحة يمكن نفي الاتهامات الموجهة من الجمهور ضد للمثقف بالتعالي،والنرجسية.
وخلاصة القول،فانً علاقة المثقف بالآخرين، علاقة ذات بُعد واحد والمستفيد منها الأخر لأن المثقف يبني نفسه بنفسه ويجد من مهامه مناصرة القضايا الإنسانية مدفوعاً بهواجسه الميتافيزيقية، فالمجتمع يحصد المنفعة الكلية دون المثقف بعكس علاقة السياسي بالمجتمع فإنه يسعى للاستفادة القصوى من كل المهام التي يقوم بها وعلى حساب المجتمع. وعلاقة المثقف بالمثقف، علاقة ثقافية-تنافسية تعكس في وجهها الايجابي المساهمات المعرفية للمثقفين في الحضارة الإنسانية.
الوسوم:التعالي, المثقف, النرجسية, نظرة
التعليقات مغلقة