الثقة بالنفس وأهمية تعزيزها بالنسبة لشخصية الطفل مستقبلا

25 يونيو، 2018 التعليقات على الثقة بالنفس وأهمية تعزيزها بالنسبة لشخصية الطفل مستقبلا مغلقة الرافد الاسري

تعتبر الثقة بالنفس من أهمّ العناصر المُكوِّنة لشخصيّة الفرد منذ نشأتِه، وترتبط بشكل قويّ باتّجاهات الفرد السلبيّة أو الايجابيّة تجاه نفسه وتجاه مُجتمعه، وبالتّالي هي الأساس لتكيُّف الفرد مع الذات والمُجتمع، فهي مقدار تقييم الفرد لقدراته ومهاراته واستعمالها بفاعليّة وكفاءة في المواقف المُختلفة التي يُعايشُها.

وتعد الثقة بالنفس من السمات الشخصيّة الأساسيّة التي تدفع الفرد لاستخدام أكبر قدر مُمكن من قدراته الجسميّة، والنفسيّة، والاجتماعيّة، واللغويّة لتحقيق هدف ما يسعى لنيله، فهي مجموعة من الإمكانات والاستعدادات التي يُولد بها الفرد وتُغذِّيها التنشئة الأسريّة والاجتماعيّة السليمة، فتُنشِئ شخصيّةً مُستقرّةً قادرةً على اتّخاذ القرارات بشكلٍ مُستقلٍ، وتتكامل بالتوافق النفسيّ، ممَّا يجعل للفرد أساساً متيناً في مقاومة الكثير من الاضطرابات التي يتعرّض لها في المواقف المختلفة، كما ينتج عن ثقة الفرد بنفسه شعور حبّ الذات والتقدير النفسيّ.

وفي هذا السياق تبرز أهمية الثقة بالنفس وعلاقتها بالتوافق النفسيّ للطفل الذي يبعث إلى السعادة والاطمئنان الداخليّ، ليصل بالطفل إلى حالة من التقدير والأمان الذاتي، فتجعله مُستقرّاً نفسيّاً بعيداً عن الاضطرابات، بالإضافة إلى القدرة على إعطاء العَقَبات التي يواجهها حجمها الأصلي دون تضخيم أو خوف مبالغ فيه، كما أنّها تجعل الطفل ناجحاً في أدائه للمَهام من خلال إيمانه بذاته، وبالتالي ثقته بكفاءته للقيام بمهارة ما، ومنها إلى الدافعية للمزيد من التعلّم والنجاح والانفتاح النفسيّ لاكتساب خبرات جديدة، فالطفل الواثق بذاته يُحبّ من حوله ويُعبِّر عن مشاعره بحُريّة، أما الطفل غير الواثق بنفسه فإنه يخاف من التعبير عمّا يجول في خاطره، كما أنه لا يملك القدرة على اتّخاذ القرارات، فبالإضافة إلى كونه يخاف من التجمُّعات، فإنّه أيضاً يظن أنّ كل من حوله يراقب عيوبه، الأمر الذي يقوده في نهاية الأمر إلى العزلة والانطواء على نفسه؛ لعدم ثقته بكفاءته الاجتماعيّة والذاتيّة.

وبإعتبار الثقة بالنفس هي البنية الأساسيّة لشخصية الطفل، فإن الدور الأساسيّ في التنشئة السويّة يقع على الأسرة والمدرسة لتمكين هذه البُنية، وبالنظر إلى الآثار السلبيّة لضعف ثقة الطفل بنفسه وتدنّي مفهومه الذاتي عن نفسه، فيجب على الوالدين علاج هذه الحالة التي قد تستمرّ مع الطفل أثناء تقدّمه في مراحله العمريّة، وتعرّضه للكثير من الأزمات والاضطرابات النفسيّة.

وقد اقترح علماء النفس وتربية الطفل عدة اساليب لتعزيز مفهوم الثقة بالنفس لدى الطفل،أهمها:

*التعبير عن الحب بشكل غير مشروط وسخيّ، فالطفل يحتاج الحنان والعناق، وترك مساحة كافية له للتعبير عن مشاعره، والاستماع له باهتمام مع مُراعاة مشاعره والأخذ بها مع عدم إهمالها، وتشجيعه على الإفصاح والتعبيرعمّا في داخله دائماً.

*الابتعاد التام عن الايحاءات السلبيّة والجمل الهدّامة التي يُلقي بها الآباء على أبنائهم دون المعرفة بمقدار الأذى النفسيّ الذي تُسببه هذه الكلمات، فينتج عنها تشويه الطفل لصورته عن ذاته، فهو يُصدّق كل ما يُقال له، بل إنه سيُخاطب نفسه بنفس الطريقة التي يُخاطبه بها أبويه، وعند تعرّضه لمشكلةٍ ما يرى نفسه غير كفؤ لمحاولة حلّها، وتنحدر ثقته بقدراته، فتُسيطر عليه التعابير السلبيّة المليئة بالاستسلام، مثل لا أستطيع، وغير قادر، وأخاف من، لتتبعُها حالة من العجز الذاتيّ والإحباط.

*دفع الطفل للاختيار واتخاذ قراراته بنفسه، كالألعاب التي يرغب باللعب بها، أو بملابسه التي سيرتديها، وذلك بطرح جميع الخيارات المُتاحة لديه وشرحها، وشرح الآثار المُترتّبة عليها، وترك الحرية له لاختيار القرار الذي يراه مُناسباً، مع احترام هذا القرار الذي اتّخذه، وفي حال اتّخاذه قراراً غير ملائم يجب شرح سبب رفض قراره بطريقة منطقيّة ومُقنعة بما يتناسب مع عمر الطفل، فإن ذلك يرفع لديه ثقته بأفكاره ومهاراته باختيار ما هو مُناسب لنفسه.

*مدح الطفل وجهوده التي يقوم بها في محاولاته بالقيام بمهاراته الاستقلاليّة أو أي مهارات أخرى، كما أنّ الإيحاءات الإيجابيّة وإظهار ثقة الأم بطفلها بأنّه قادر على أداء المَهمّة المُوكلة له وإخباره أنّها ليست بالمَهمّة السّهلة لكنّه استطاع التغلّب عليها والقيام بها.

*الابتعاد عن المقارنة بين الفرد وأقرانه؛ لما في ذلك من بث الاتّجاهات السلبيّة للطفل تجاه نفسه، وأنه غير قادر على مُجاراة أصدقائه أو إخوته، وأنّه ليس به ما يُميّزه عن غيره، بل يجب على الأم التّركيز على ما يُميّز الطفل وإشعاره بذلك.

*تشجيع الطفل لإبداء رأيه في قضيّة مُعيّنة تخصُّة أو تخصّ أسرته، مع اتاحة الفرصة له بتحمّل بعض المسؤوليّات الصغيرة للاعتماد على ذاته، مع التحفيز المُستمرّ لجميع التّجارب الناجحة له، وتجاهل المُحاولات الفاشلة في أيّ مهارة يقوم بها.

 

 

 


الوسوم:, , ,

" حنان ناصر "

عدد المواضيع: 249 , الملف الشخصي:

محرره صحفية في مجلة الرافد الفكري