معلمة الروضة ودورها في التنشئة الاجتماعية للطفل…!
27 فبراير، 2018 التعليقات على معلمة الروضة ودورها في التنشئة الاجتماعية للطفل…! مغلقة دكتور زاهر زكار الرافد الاسريالكاتب / أ. حنان عبد الكريم
إن التنشئة الاجتماعية هي عملية تكيف الطفل لبيئته الاجتماعية ، وتشكيله على صورة مجتمعه ، وصياغته في القالب والشكل الذي يرتضيه ، فهي عملية تربية وتعليم تضطلع بها الأسرة والمربون ، بغية تعليم الطفل الامتثال لمطالب المجتمع والاندماج في ثقافته ، والخضوع لالتزاماته ، وتعليمة القيم السائدة ، ومجاراة الآخرين بوجه عام
وتقوم عملية التنشئة الاجتماعية على ضبط سلوك الفرد وكفه عن الأعمال التي لا يقبلها المجتمع وتشجيعه على ما يرضاه منها ، حتى يكون متوافقاً مع الثقافة التي يعيش فيها ، فالضبط الاجتماعي لازم لحفظ الحياة الاجتماعية ، وضروري لبقاء الإنسان ، وطبيعة الإنسان لا تكون بشرية صالحة للحياة الاجتماعية ، إلا بخضوعها لقيود النظم المختلفة من عادات وتقاليد وقيم وغير ذلك من الضوابط الاجتماعية ، التي تهذب النفس وتسمو بها ، بذلك يعيش الإنسان في سلام مع غيره من الناس ويكتسب حبهم واحترامهم .
يولد الطفل مزوداً بقدرة على التعلم ، لكنه لا يولد مزوداً بأنماط السلوك ، فهذه يتعلمها من الحياة الاجتماعية ، فالتعلم يشكل شخصيته بطريقة تجعله صالحاً لحياة منظمة تبع أنماط معينة ترتضيها المجموعات الصغيرة والجماعات الكبيرة ، ويرضى عنها المجتمع بوجه عام ، وهذه القدرة الفائقة على التعلم التي حبت الطبيعة الإنسان بها ، تلك القدرة التي تعلو عند الإنسان على ما يوجد منها عند سائر المخلوقات الأخرى ، هي الأساس الذي يعتمد عليه المجتمع في ضبط الإنسان وتحديد دوافعه حتى يكون سلوكه متوافقاً مع الحياة الاجتماعية السائدة .
يحتل مفهوم القيم في العلوم النفسية والاجتماعية أهمية كبرى ، باعتباره أحد العوامل التي توحد سلوك الأفراد والتي تحقق وحدة الفكر والحكم والسلوك داخل الحياة الاجتماعية .
وتعتبر القيم من أكثر سمات الشخصية تأثيراً بالإطار الثقافي في المجتمع ، فلكل مجتمع نسقه القيمي الخاص الذي يكاد يكون شائعاً بين أبنائه.
ان معرفة القيم السائدة في المجتمع تساعد على معرفة نوع الثقافة الشائعة فيه ، وتساعد على تحديد وفهم الفلسفة العامة لهذا المجتمع ، على أساس أن القيم انعكاس للأسلوب الذي يفكر به الناس ، في إطار ثقافة معينة وفي فترة زمنية محددة .وتبدأ عمـلية التعلم وضبط دوافـع الطفـل في الأسرة منذ سن مبكر جداً . وهناك ثلاث درجات لضبط دوافع الطفل وسلوكه .
وتعد الدرجة الأولى أدنى درجات الضبط لأنها تقع في المستوى العضوي ، ووسيلتها الشعور باللذة والألم ، فالضبط من الدرجة الأولى يفيد في تعليم الطفل تعليماً شرطياً في مرحلة مبكرة ، فهو يكرر ما يحدث له ارتياحاً وما يشعره باللذة . وتتكون العادة نتيجة هذا التكرار المصحوب بالارتياح واللذة .
أما الدرجة الثانية للضبط فتقع في المستوى الاجتماعي ، حيث تكون شخصية الطفل قد أخذت في النمو ، ويكون عقله قد بدأ يميز ويدرك الأمور تدريجياً ، وتتأثر شخصية الطفل في هذه المرحلة تأثيراً شديداً بالإيحاء ، والتقليد والإحباط ، ومختلف القوى الأخرى المشابهة ، والمجموعة ، ممثلة في الأسرة ، وثلة الأصدقاء ، وعصبة الأقران ، والسلطة العليا في ضبط السلوك ، وتنميطه حسب معاييرها وقيمها ومثلها ومبادئها ، فالفرد في الأسرة في أغلب الحضارات محدد المكانة ، معتمد على الغير ، آخذ ، ناقل ، مطيع ، خاضع ، وهو في الثلة آخذ معط ، ودود ، مفض بسره ، كاتم لأسرار غيره هادئ ، متعاون ، مستعد للتضحية ، محب للغير ، وهو في العصبية مغامر ، متنافس ، متحد ، مكافح ، مثابر ، مبتكر ، أناني .
أما الدرجة الثالثة للضبط فتقع في المستوى الثقافي الذي يطلق عليه اصطلاح فوق العضوي ، ويشتمل الضبط في هذه المرحلة على الظواهر الثقافية والآداب الشعبية ، والأوامر ، والنواهي ، والأعراف ، والطرائق الفنية ، وأنماط السلوك الرمزية المستحدثة ، فالثقافة هي القالب الذي يشكل الشخصية وينمط سلوكها مما أجمع عليه علماء الاجتماع والتربية أن الأسرة لم تعد المؤسسة الوحيدة التي تعلب الدور في تنشئة الطفل حيث تلعب جهات ومؤسسات أخرى دور كبير في تنشئة الطفل من أهمها المدرسة إلا أن المدرسة أصبحت في الوقت الحاضر تسبقها فترة تحضيرية أو ما يعرف في علم التربية بطفل ما قبل المدرسة ، إذ أصبحت دور الحضانة تلعب دوراً أساسياً في تأسيس الطفل قبل دخوله إلى عالم المدرسة .
وهكذا يتضح لنا، ان رياض الأطفال يقع على عاتقها دوراً كبير في غرس القيم المجتمعية في نفوس الأطفال قبل دخولهم إلى المدرسة حيث تعتبر حلقة التواصل بين البيت والمدرسة في غرس القيم لدى أطفال ما قبل المدرسة.
رياض الأطفال ودورها في تنمية القيم لدى طفل الروضة..!
تعتبر مرحلة رياض الاطفال من اهم المراحل التي يمر بها الطفل في بداية حياته وتعرفه على العالم الخارجي حيث انه في هذه المرحلة تتبلور شخصية الطفل ويقل تعلقه بوالديه تدريجيا استعداد للمدرسة ويكتشف الطفل ان هناك اشخاص يحبونه ويعتنون به غير والديه واخوته فيشعر بالأمن والاطمئنان اتجاههم . وفي هذه المرحلة ينمو الطفل نموا متكاملا إذا اتيحت له الفرص الشتى للنمو السليم وتتمثل في :
– البيئة المناسبة التي تتوفر فيها كل احتياطات السلامة المطلوبة .
– الاهتمام بالغذاء الصحي للأطفال .
– توفير الالعاب الكبيرة المتمثلة في : ( المرجحة ، الزحليقة ، العاب التوازن ، الميزان ، العاب التسلق ، الرمل ) كل هذه الالعاب تخص نمو العضلات الكبيرة للطفل إضافة إلى الانشطة الخاصة بهذه العضلات وتكون المعلمة هي المسؤولة عنها مثل الرياضة والركظ والقفز …. الخ .
– توفير الانشطة التي تهتم بنمو عضلاته الصغيرة المتمثلة في اصابع اليد وتأزرها مع العين استعدادا للكتابة والقراءة والرسم .
– الاهتمام بالمادة العلمية التي تقدم للطفل والتي تشمل (، الوحدات التعليمية والتي يتم تغيرها حوالي كل اسبوعين او ثلاثة اسابيع وتشمل جميع الانشطة التي تختص بها ابتداء من القرآن والاداب الاسلامية ، اللغة العربية ، التجارب العلمية ، الفن ، الرحلات الاستكشافية والترفيهية ، الطهي ، الاركان التعليمية ……الخ .
– الاهتمام بنموه العاطفي والاجتماعي من خلال انشطة خاصة تشبع هذه الرغبات عند الطفل .
– اختيار المعلمة الجيدة ومن الضروري ان تكون ملمة ( بمراحل نمو الطفل ، طريقة تعليم الطفل في الروضة ، الالمام بحل المشاكل السلوكية ، معرفة الادارة الصفية ، الثقافة \ اللباقة \ الاخلاق \ حسن التصرف ( والافضل ان يكون عندها تخصص رياض الاطفال حتى تستشعر اهمية هذه المرحلة العمرية ).
وتعتبر مرحلة الخمس سنوات الاولى في حياة الطفل هي اهم مرحلة في حياته حيث انه تتشكل شخصية الطفل في هذه المرحلة وتكون ملازمة معه طيلة حياته .
فعندما تتوفر للطفل الشروط السالفة الذكر، في الروضة فأنها سوف تؤثر عليه بشكل كبير لأن الطفل في هذه المرحلة يكون سهل التأثر شديد المرونة لكل ما يتعلمه ومتشبثا بالطريقة والاسلوب اللذين يرضيانه في حل مشكلاته وفي التعامل مع الاخرين ، لذا فاحترام شخصية الطفل والاعتراف بكيانه وتلبية حاجاته الأساسية والنفسية وتوجيه ميوله ، كل هذه الامور تساعد على بناء شخصيته وتحديد معالمها فأي تقصير من قبل المربين اتجاه هذا الطفل يعتبر بلا شك إساءة كبرى للطفولة وسببا لإضعاف الشخصية المتكاملة التي نتطلع اليها في كل طفل .
هنا تكمن اهمية رياض الاطفال ومدى تأثر الطفل بها .
الوسوم:الأطفال, المعلمة, رياض
" دكتور زاهر زكار "
عدد المواضيع: 48 , الملف الشخصي: دكتور زاهر زكاركاتب وباحث أكاديمي ، مدير مركز الاشعاع الفكري للدراسات والبحوث.
التعليقات مغلقة