ظاهرة الشعوذة.. وتأثيراتها على المجتمع
16 مارس، 2018 التعليقات على ظاهرة الشعوذة.. وتأثيراتها على المجتمع مغلقة دكتور زاهر زكار الرافد الاسريد. بيسان صالح (*)
تشهد غالبية المجتمعات العربية،تزايدا ملحوظا في تفشي ظاهرة الشعوذة والخزعبلات التي لا يستبعد ان تقف وراءها وتغذيها جهات مشبوهة،عبر خطة مدروسة ،هدفها إفساد المجتمعات العربية وتشويه صورة الإنسان العربي أمام الرأي العام العالمي،وخلق هواجس مدمرة لوحدة وتماسك المجتمع المدني يتبناها أو يؤمن بها فئات معينة من المجتمع.
ويقف خلف هذه الظاهرة أناس دجالون ومشعوذون يقومون بدور أساسي في تفشي هذه الظاهرة الخطيرة،بحيث أصبح هؤلاء يشكلون بؤرة الفساد الموجودة في غالبية المجتمعات العربية منذ كثر الحديث في السنوات العشر الأخيرة عن ظاهرة الشعوذة والدجل والسحر.
ونحن في هذا المقام إذ نتعرض لهذا الموضوع الهام بالبحث والمعالجة،لا ننكر بأي حال من الأحوال وجود”الجن”باعتبار أن ذلك قد ذكر في كتاب الله وسنته،ويبقى هدفنا الأساسي هو،تسليط الضوء أكثر على خلفيات ومحاور هذه الظاهرة وانعكاساتها على النسيج المجتمعي،مما يؤدي إلى خلق الإنسان الساذج والمتخلف الغارق في الأوهام والمسلوب الإرادة والرؤية الموضوعية.
ظاهرة الشعوذة وخلفياتها:
يلعب المشعوذون الدجالون دورا رئيسيا في انتشار ظاهرة الشعوذة في المجتمع المدني،ويقوم هؤلاء باستغلال ظروف بعض فئات المجتمع وسذاجتها في القدرة على علاج بعض الأمراض المستعصية،ويخفون نواياهم الحقيقية وراء الغطاء الديني،وفي كثير من الحالات استطاع هؤلاء المشعوذون من السيطرة على عقول بعض البشر،ومن بينهم(للأسف)متعلمين أيضا.
وتشير بعض المصادر أن هؤلاء المشعوذين يقومون بنشاطهم الهدام بين الناس، في اطار مخطط مدروس تقف ورائه جهات غريبة من المجتمع العربي، لتحقيق أهداف خسيسة أخطرها،إفساد وتدمير وحدة وتماسك المجتمع المدني من خلال ترويج الإشاعات والشعوذة والخزعبلات والمتاجرة بأعراض الناس،والعمل على تفشي الأمراض الاجتماعية،وخاصة تعاطي السموم بأنواعها،والدعارة لافساد أخلاق الشباب.
والسؤال الذي يطرح بحدة هنا هو،هل أصبح المشعوذون هم أطباء هذا العصر؟وهل يمكن”للجن”أن يلبس الإنسان ليصبح مطلعا على الغيب؟!..
طبيعــة الجــان:
لا يمكن لأحد أن ينكر،ذكر”الجن”في القرآن الكريم والسنة،وعليه،فإن”الجن”موجود،وهو عبارة عن أجسام نارية خلقها الله سبحانه وتعالى من لهب النار الخالص،فقد ورد في القرآن “خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مازج من نار”
والجان مكلفون كالإنسان،وهم أنواع،ففيهم الجن المسلم،والجن اليهودي،والجن النصراني،والجن الوثني،ويقال أن أخبث أنواع الجان هو”الجن اليهودي”
إن هذه الأجسام النارية ترى الناس ولكنهم لا يرونها،قال تعالى”إنه يراك هو وقبيلته من حيث لا ترونهم”كما أنهم يتشكلون كيفما شاءوا،ولديهم من الحركة والسرعة ما لا يتوافر لدى البشر،قال تعالى”قال عفريت من الجن،أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك”.
والجان كالبشر،فيهم الصالح وفيهم الفاسد،ويمكن أن يلبسوا الإنسان ولكن في ظروف معينة،ولا ينسحب ذلك على كل الناس،قال تعالى”إن عبادي ليس لك عليهم سلطان..”
ويقسم الجان إلى عدة أنواع منها:
1-الجن الغواص،وهذا النوع يسكن البحار،وبالتالي فهو يدفع الإنسان المصاب به إلى التردد على البحر باستمرار
2-الجن الطيار:وهو لا يسكن الجسم الآدمي،بل يكتفي بمسه ثم الخروج منه
3-جن الحمام،وهو يسكن الأماكن غير الطاهرة مثل المراحيض والأماكن النجسة
4-جن القبور،ويسكن هذا النوع من الجان في القبور ويسيطر على الإنسان المصاب به،ويجعله يكثر من التردد على المقابر والحلم بها باستمرار
كيفية الاستعانة بالجان:
هناك قواعد لا بد من توافرها في الشخص(المشعوذ)الذي يستعين بالجن هي:
الاطلاع والمعرفة التامة على أصول وأنواع السحر،وطريقة إبطاله
الإلمام بعلم الجان والخبرة في هذه الأمور
تحديد نوع المرض والوهم الذي يصيب الإنسان
تحديد ومعرفة نوعية الصدمة النفسية القوية التي لا يتحملها الإنسان وتجعله يتحدث بطريقة الهلوسة
كيفية علاج الجن والسيطرة عليه:
تنحصر عملية العلاج من مس الجن والسيطرة عليه في طريقتين هما:
1-أن يكون الشخص المعالج للمريض،رجل صالح،بلغ من التقوى درجة كبيرة،أكسبته الهيبة والاحترام عند هذا الخلق(أي الجن)ويشاع في هذا المقام أن كثيرا من الأئمة الصالحين كانوا يرسلون للجن رسالة يأمرونه فيها بالخروج من جسد انسان معين،فيستجيب الجن لذلك ويخرج فورا،وذلك لأن الرجل الصالح،لديه من التقوى والإيمان،ما يساعده على التغلب على”الجان”
2-أن يتولى الشخص المعالج،علاج الجن على حساب الدين،مثل أن يتنازل أحدهم للجن،أو يتهاون معه بشيء من أحكام الدين،كأن يصلي بدون وضوء(مثلاً).
والمعلوم أن الدجالين والمشعوذين يعتمدون في علاجهم للمريض على”الجن”من خلال اتصالهم بالجان،ثم يصفون له الدواء وأحيانا يتكلون ويكتبون كلمات مبهمة وغير مفهومة يسمونها”سريانية”أو يكتبون القرآن بحروف متوزعة،وذلك بطريقة تخالف الشريعة الإسلامية،كما يشاع أن المعالج(المشعوذ) بالجن لا يستطيع علاج المريض إلا بعد معرفة إسم أمه.
حقائق ومخاطر ظاهرة الشعوذة:
إن أولى الحقائق المتعلقة بهذه الظاهرة الخطيرة،هي حقيقة أن الجن يبدأ من الإنسان ضعيف الإيمان،ثم يأخذ في نشر المشاكل،فالجان يمثل عالم وممالك قائمة بذاتها.والحقيقة الثانية ،أن الجن يمكن أن يسبب الأمراض الخطيرة مثل العمى ولطرش،وآلام المعدة أو الشلل،وصولا إلى قتل الإنسان خنقا.
أما الحقيقة الثالثة،أنه يمكن السيطرة على أي شخص عن طريق السحر،وذلك باستخدام أو تسخير الجان لهذا الإنسان بواسطة شرب كأس من الماء أو الشاي يحتوي على عمل السحر،والحقيقة الرابعة،تتمثل في إمكانية الانتقام من أي شخص بواسطة استخدام الجن إذا عرف اسم أمه الحقيقية،وبالتالي تسخير هذا الإنسان لخدمة الجهة القائمة بعمل السحر
الخلاصــة:
في ظل تزايد أعداد أدعياء الشعوذة والفتاحين في غالبية المجتمعات العربية،والذين يستغلون نقاط الضعف الإنساني،وحالات اليأس والإحباط لدى بعض المرضى بإمكانية الشفاء من أمراضهم،ونظرا لخطورة هذه الظاهرة الغريبة،فإن الواجب الاجتماعي والإنساني يحتم على الجميع،وخاصة النخب المثقفة،من علماء وأطباء وأخصائيين اجتماعيين ووسائل إعلام..الخ،ضرورة أخذ الحيطة والحذر وشحذ الهمم،وبذل الجهود من أجل مواجهة تفشي هذه الظاهرة الخطيرة،والقضاء عليها من خلال الملاحظة والمحاسبة الصارمة لهؤلاء الذين يرجون الشعوذة والدجل في المجتمع تحت مسميات كثيرة،وعلى الجهات الرسمية أن تعي وتتذكر جيدا،أن لظاهرة الشعوذة،خلفيات وانعكاسات خطيرة جدا على النسيج المجتمعي،ولا يستعبد أن تكون هذه الظاهرة موجهة من الخارج لتحقيق أهداف خطيرة،من بينها تدمير شخصية وسمعة الإنسان العربية أمام الرأي العام،باعتباره شخصا جاهلا ومتخلفا،يتعامل مع الأوهام والخزعبلات ويعيش في أوهام ما قبل التاريخ وبالتالي فإن الشعوب العربية لا تمثل شعوبا متحضرة لها شخصيتها الوطنية والقومية المتميزة التي تضعها في مصاف الشعوب الأخرى.( * استاذة محاضرة في جامعية الملك عبد العزير)
الوسوم:الشعوذة, المجتمع, تأثير
" دكتور زاهر زكار "
عدد المواضيع: 48 , الملف الشخصي: دكتور زاهر زكاركاتب وباحث أكاديمي ، مدير مركز الاشعاع الفكري للدراسات والبحوث.
التعليقات مغلقة