الغيــرة الزوجية.. هل هي حالة صحية أم مرضية؟!
2 مارس، 2018 التعليقات على الغيــرة الزوجية.. هل هي حالة صحية أم مرضية؟! مغلقة دكتور زاهر زكار الرافد الاسريالكاتبة/ نجوى زاهــر
تعتبر الغيرة ظاهرة اجتماعية تلازم الحياة البشرية عندما تحلّ الغيرة في بيت الزوجية يحلّ الخلاف المتفجر بين الزوجين، وبعض هذا الخلاف قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من خراب البيوت وتشتت الأسرة.ولكن رغم هذا يكاد الأزواج أن يجمعوا على أن الغيرة الخفيفة ضرورية للحياة الزوجية، وأن حياة الزوجين بدون غيرة كل منهما على الآخر هي أشبه بالطعام الذي ينقصه الملح، ولا يستسيغه المرء.
إذن كيف نوفق بين هاتين الحقيقتين؟ وكيف تكون الغيرة من النوع الخفيف غير المدمر..؟!.
ومما لا شك فيه ان المرأة هي وحدها التي تعرف الطريق إلى هذه المعجزة، هذا هو الواقع، أليس بيدها زمام الأسرة ووسائل إسعادها أو إشقائها؟ … إذن فالغيرة قد تكون وسيلة إلى السعادة إذا أرادت الزوجة ذلك، وقد تكون أداة هدم للأسرة وخراباً للبيت.
وتستطيع الزوجة أن تتحكم بأعصابها إذا تجاذبتها نوازع الغيرة على زوجها من امرأة أخرى فتضغط على شعورها قبل أن تبدأ بسيول المعاتبة، ولو للحظات فقط، عند ذلك تكون لحظة التوتر قد زالت ويكون العقل قد تدخل وقال كلمته في موضوع الغيرة التي هي دائماً تحتل أعلى مراتب السخف والتفاهة.
تثبت المرأة تعقلها وحكمتها عندما تنتصر على لحظات الخطر وتجتاز فترة التوتر الذي ينذر بالانفجار. عند ذلك يفتح لها العقل أبواباً من المعرفة والإدراك ويخاطبها بوضوح وصفاء بأن الخير هو في ما صنعت وأنها كفؤ لبناء الأسرة السعيدة وأن الغيرة ليست إلا معنىً مرادفاً للتفاهة وخراب البيوت إذا اشتدت وقويت.
إن الزوجة وحدها هي التي تجعل من الغيرة ملحاً للحياة الزوجية يزيد من لذة طعمها إذا استعملتها برقة ولطف وبالتلميح أكثر من التصريح وبلهجة هي بين الجد والمزح وبدون تجهم وعبوس، بل بابتسامة وصوت هادئ يشعر الزوج بحرصها عليه وحبها له، ولكن بدون تلك الأسلحة النارية من الصياح والانفجارات التي تطوح بشعور الكثيرات ساعة غيرتهن على أزواجهن فينعكس المعنى المطلوب من الغيرة، ولا تعود ملحاً يكمل لذة الطعام بل يصبح كالفلفل الحارق أو كالسم القاتل الذي يبدد كل المعاني الجميلة البناءة في الحياة الزوجية.
ومهما يكن الأمر، فان الزوجة التي تظن أن زوجها سلعة بيدها تتصرف به كيف تشاء وكما توحي إليها أنانيتها أو جهلها،هي امرأة خطرة ولا شك، ليس على زوجها فقط بل على الحياة الاجتماعية وعلى مستقبل النشء. فالحياة الاجتماعية لا يمكن أن تستقيم وتثمر بأسر مشتعلة بنار الخلاف بفعل زوجة جاهلة يسيطر عليها التحكم والغباء.
والعكس هو الصحيح، لو أدركت الزوجة هذا، وبقليل من الروية تدرك أيضاً كم تسبب لزوجها من تعاسة وهي تحاسبه على حركاته وسكناته ونظرته إلى الجارة وكلمته للقريبة أو الزائرة للأسرة وتأخره عن الرجوع إلى البيت متهمة إياه بأنه كان على ميعاد مع امرأة أخرى. وما أشقى هذه الأسرة إذ ترمي الزوجة زوجها بارتيابها بصديقة لها تتردد على البيت أو لسماعها واستجابتها لدسّ جارة لها تتهم زوجها المسكين كما يصور لها خيالها المريض أو نفسها المجرمة. وإن من الواجب أن تضع المرأة أمام عينيها خطأ حدسها، متصورة نفسها مكان زوجها البريء، فهل كانت ستحتمل هذا الجحيم من المناقشات والتهم؟ … إن الإنصاف يفرض عليها محاكمة نفسها بهذا الشكل.
إن بعض النساء يذهبن إلى أكثر من هذا، إنهن يحاسبن أزواجهن حتى على ماضيه بل وأكثر من ذلك حتى علا أحلامه وهو نائم أيضاً، فتجد الزوجة الجاهلة فرصة للإمساك بخناق زوجها تسأله بهياج وثورة عن المرأة التي سمعته يذكر اسمها وهو نائم.وهذا النمط من النساء موجود بكثرة وهن يأبين الاستماع لصوت العقل والمنطق. فلقد طمست الغيرة العمياء كل معالم العقل عندهن وأصبن مخلوقات خطرات على المجتمع وعلى أنفسهن بالدرجة الأولى، إذ أن الرجل لن يصبر عليهن طويلاً.
اما بالنسبة لغيرة الزوج، التي هي أكثر خطراً على الحياة الأسرية فيما لو وقعت بشكلها الخطر، فأن الرجل لا يستسلم للوساوس والترهات كما تفعل المرأة، فهو يعمل عقله دائماً بعمق ودقة في هذه الحال، بخلاف المرأة العاطفية، كما أن حياته بين عمله والمجتمعات التي يندمج فيها تمنع أي وسواس من دخول نفسه إطلاقاً بخلاف المرأة العاطفية التي يصور لها خوفها أنه سيطير من حياتها، فتخاف على أسرتها من أن تضيع بغير هذا الأب الغالي.
الوسوم:الزوجية, الغيرة, ظاهرة
" دكتور زاهر زكار "
عدد المواضيع: 48 , الملف الشخصي: دكتور زاهر زكاركاتب وباحث أكاديمي ، مدير مركز الاشعاع الفكري للدراسات والبحوث.
التعليقات مغلقة