العلاج النفسي لتغيير سلوك الإنسان إيجابيا…!

27 فبراير، 2018 التعليقات على العلاج النفسي لتغيير سلوك الإنسان إيجابيا…! مغلقة الرافد الصحي

(الكاتب/ د. زاهر ناصر زكار)

 

يمثل العلاج النفسي النشاط المنظم الذي يقوم به الخبير السيكولوجي بهدف إحداث تغييرات في الفرد تؤدي الى توافقه مع بيئته،بحيث يصبح هذا الشخص اكثر سعادة وتغدو حياته اكثر غنى واثراءا وإنتاجا،وهناك مناهج وطرق متعددة لتغيير سلوك الفرد أو علاجه يرتبط كل منها بنظرية معينة من نظريات الشخصية،وتتمثل أهداف العلاج النفسي في تحقيق مايلي:

1- تمكين الشخص المضطرب نفسيا من التعبير عن نفسه وعن كل ما يجول بخاطره

2- التعرف على مشاعر الشخص (المعني) السالبة واتجاهاته غير المرغوب فيها نحو الآخرين ونحو المواقف والأشياء ومحاولة إحلال بعض المشاعر والاتجاهات الموجبة محلها.

3- جعل الشخص(المعني)يكتسب بصيرة بحقيقة مشكلاته،بحيث يصبح اكثر قدرة على إيجاد الحلول لها وبحيث تصبح هذه المشكلات اقل تأثيرا عليه.

4- تدعيم ثقة الشخص(المعني) في نفسه وزيادة إحساسه بقدراته

5- تزويده بقدر من الدعم النفسي وزيادة شعوره بالطمأنينة والأمن مما يقوي إرادته في مواجهة مشكلاته

ولكي يتحقق الهدف الأساسي من العلاج النفسي لا بد من إيجاد عدة ظروف لازمة لإحداث التغيير لدى الشخص(المعني)والمناهج التي تساهم في إيجاد هذه الظروف يعرفها اختصاصيو هذا المجال بـ”إستراتيجيات العلاج النفسي”أو”الاتجاهات العلاجية”وتنقسم هذه الاستراتيجيات على ما يلي:

أـ المشرفون على العلاج ذو الاتجاه التحليلي يرون أن العلاقة العلاجية تتطلب تفاعلا ديناميكيا بين الشخص(المريض) وما يحمل من الأفكار والمشاعر والتصرفات التي تعين على حسن التوافق والمعالج وما لديه من مهارات علاجية وقدرة على الفهم وبصيرة الأمور.

ب ـ أصحاب العلاج المتمركز حول المريض يركزون على الانغماس العميق في المريض وفي مشاعره ويحرصون على الاتصال به بطريقة تزيد من نموه ومقدرته على التوافق.

ج ـ أصحاب العلاج السلوكي يعرضون المريض للظروف المصممة حتى يتخلى(المريض)عما سبق أن تعلمه من سلوكيات غير توافقية،وان يكتسب أنماط من السلوكيات أكثر ملاءمة.

أنواع العلاج النفسي:

تتمثل اهم أنواع العلاج النفسي من اجل إحداث تغيير إيجابي في سلوكيات الشخص(المعني) في الأنواع التالية:

1-التحليل النفسي2-العلاج الجماعي3-العلاج السلوكي4- العلاج بالعمل 5- العلاج باللعب6- العلاج الأسرى

7-العلاج الديني.

في هذا الحيز سنكتفي بالتركيز(حصرا)، على العلاج بالتحليل النفسي نظرا لأهمية هذا النوع من العلاج النفسي

العلاج بالتحليل النفسي:

يقوم التحليل النفسي في هذا التنوع من العلاج على فرضية ان الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المريض هي نتيجة صدمات وحوادث واجهت هذا الشخص أثناء التنشئة الاجتماعية الأولى،وقام بكبتها في اللاشعور بكل ما تمتلكه من شحنات سالبة،ولا تظل هذه الدوافع المكبوتة ساكنه،لكنها تبقى في حالة حراك مستمر،ثم تحاول الخروج على عالم الواقع فلا تستطيع لتعارضها مع معايير المجتمع،ولن تجد متنفسا لها إلا عن طريق ظهورها على هيئة أعراض جسمية مرضية.

يتوقف العلاج في هذه الحالة،على معرفة تلك الحوادث والصدمات من المريض نفسه عن طريق”التداعي الحر”من خلال توجيه أسئلة للمريض عن نشأته الأولى وتفسير أحلام المريض،أو التنويم المغناطيسي ومتى عرفت هذه الأسباب فإنه يتم تفريغ هذه الشحنات الانفعالية لهذه الحوادث…بيد أن هناك صعوبات تواجه تنفيذ هذه الطريقة أهمها،أنها تستغرق وقتا طويلا،حيث يحتاج المريض منها إلى أربعة جلسات علاجية أسبوعيا،كما أن تكاليف هذه الطريقة باهظة،بالإضافة على ان يكون المريض متمتعا بذكاء فوق المتوسط لكي يستوعب العلاج.

متطلبات علاج التحليل النفسي:

1- أن يكون الشخص المعالج مؤهلا وخبيرا بالتحليل النفسي،كما يجب ان يتسم بالذكاء وسرعة البديهة وروح الدعابة كما يجب ان يراعى المعالج النقاط التالية:

أـ  التأكد من ان المريض ومرضه يصلحان للتحليل النفسي

ب ـ ان يزود المريض ببعض المعلومات النفسية الخاصة بعملية التحليل وذلك من خلال تعريفه بالجلسات والوقت ووسائل التحليل

ج ـ ان يوفر المناخ الملائم للمريض حتى يتمكن من الحصول على كافة المعلومات

2-أن يركز التحليل النفسي على أهمية العلاقة بين المريض والمعالج وذلك في تنفيذ العلاقة العلاجية بين المريض والخبير النفساني المعالج

3-التنفيس الانفعالي،ويتم إجراء التنفيس الانفعالي باستدراج محتويات اللاشعور إلى حيز الشعور وذلك من خلال حث المريض على تذكر الحوادث والخبرات الماضية وما تحتويها من احباطات وصراعات

4-التداعي الحر:حيث يعتبر التداعي الحر هو الترابط الطليق بتداعي الأفكار والخبرات والأحداث بحرية مطلقة وانطلاق،ويعد ذلك هو الإجراء الرئيسي في عملية التحليل النفسي وهو يتم عن استدعاء الخبرات والحوادث المكبوتة في اللاشعور واستدراجها الى حيز الشعور،حيث يقوم المحلل النفسي بتفسير ما يكشف عنه التداعي الحر

5-تحليل الاحلام :يعتبر العالم النمساوي سيمجوند فرويد من ابرز العلماء الذين اهتموا في التحليل النفسي بتحليل الأحلام المريض للوصول إلى عمق اللاشعور لكشف ما به من أسرار.

ويعتبر فرويد ان الحلم هو حارس النوم،ويضرب لذلك مثلا بحلم عن الجوع،ففي أثناء النوم تتنبه في الشخص صاحب الحلم الحاجة إلى الطعام،فيحلم انه يتناول هذا الطعام فيشبع جوعه عن طريق الحلم بصفة مؤقته ويستمر في نومه بدلا من الاستيقاظ ليتناول الطعام،أو الاحتلام الجنسي حينما تتحرك الرغبة في اثناء النوم في علاقة جنسية محرمة،فيحلم النائم انه يمارس العملية الجنسية.

تأسيسا على ذلك،يتضح ان إجراء تحليل الأحلام يتضمن ان يطلب المحلل من المريض أن يروي له آخر حلم رآه وتعليقه عليه،ويلاحظ المحلل النفسي انفعالات المريض أثناء روايته وتعليقه على الحلم،فيسأل المريض عن المواقف التي تثيره في هذا الحلم ومدى ارتباطها بذكريات ماضية لديه وهنا يستعين المحلل بعملية التداعي الحر والأسئلة لاستيضاح الأشياء الغامضة وهكذا نرى ان تحليل الأحلام يعتبر وسيلة مساعدة في عملية التداعي.

استخدامات التحليل النفسي:

يلجا المحللون النفسانيون إلى استخدام التحليل النفسي في الحالات التالية:

1-حالات الهستيريا القلق ،الفوبيا ،الاكتئاب،الوسواس القهري،واضطرابات الشخصية والإدمان

2-حالات الانحرافات الجنسية وجناح الأحداث

3-حالات الأمراض والمشكلات التي تكمن جذورها في الماضي نتيجة خبرات مؤلمة ترسبت واستمرت والتي لم يوجد لها حل،وما زالت تعمل على هدم الشخصية

4-لا يستخدم التحليل النفسي ولا يعطي نتائج دقيقة في حالات الذهان،الاكتئاب الذهاني،الأمراض النفسية الحادة الضعف الذهني،الأطفال اقل من خمسة عشر سنة والمسنين.

مزايا علاج التحليل النفسي

1-يتميز علاج التحليل النفسي بأنه يستدعي العناصر اللاشعورية إلى حيز الشعور والمؤدية على اضطراب الشخصية مما يسهل ضبطها وتصحيحها.

2-يؤدي علاج التحليل النفسي الى استدعاء الدوافع المكبوتة والعمل على إعلانها واستثمار طاقاتها في الاتجاه الموجب بعد ان كانت محبوسة في اللاشعور

3- يؤدي علاج التحليل النفسي إلى تكامل الشخصية ونضجها وجعلها تواجه الواقع وتستمتع بالحياة

4- يتميز علاج التحليل النفسي بأنه يهتم بالعلاج للعوامل المسببة للمرض ولا يقتصر على الأعراض حصرا.

عيوب علاج التحليل النفسي:

1-يتطلب علاج التحليل النفسي وقتا طويلا مما يسبب جهدا على الشخص المعالج وأموالا كثيرة على المريض،حيث يستغرق هذا النوع من العلاج عددا كبيرا من الجلسات بواقع3-4جلسات أسبوعيا ولمدة عامين

2- يحتاج علاج التحليل النفسي إلى خبرة كبيرة وتدريب طويل وشاق للمعالج مما يقلل عدد المعالجين في هذا المجال .

 


الوسوم:, ,

" دكتور زاهر زكار "

عدد المواضيع: 48 , الملف الشخصي:

كاتب وباحث أكاديمي ، مدير مركز الاشعاع الفكري للدراسات والبحوث.